تاج السر عثمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: اليسار والقوى التقدمية في السودان, وتقرير مصير جنوب السودان


تاج السر عثمان
الحوار المتمدن - العدد: 3213 - 2010 / 12 / 12 - 14:06
المحور: مقابلات و حوارات     

أجرى الحوار: فواز فرحان

من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا – 18 - سيكون مع الاستاذ  تاج السر عثمان عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني حول: حول: اليسار والقوى التقدمية في السودان, وتقرير مصير جنوب السودان.

في البداية قبل الاجابة علي الاسئلة ، لابد أن اعرب عن شكري وتقديري للجهد الكبير الذي يقوم به موقع الحوار المتمدن(ادارة وكتاب وقراء) في التنوير والمعرفة و والمثابرة من أجل ترسيخ الاهداف الذي قام من أجلها ، كما اكرر تهنئتي لفوز الموقع بجائزة ابن رشد، وهو نجاح صادف اهله، ونتمني للموقع المزيد من النجاح والازدهار والتقدم

.
1- المرأة السودانية معروفة بمواقفها الانسانية التقدمية والمبدئية حيال قضايا بلادها ، هل تري أن دورها يتناسب مع الواقع السياسي الحالي؟.

رغم ما حققته وانتزعته المرأة السودانية من مكاسب وانجازات، والدور الرائد الذي لعبه الحزب الشيوعي والاتحاد النسائي السوداني في ذلك، الا اننا لانجتر الماضي، ولانعرف الرضي عن النفس، ونطالب بالمزيد، ونواصل النضال من اجل تحرير المرأة الذي يرتبط بتحرير المجتمع من كل اشكال الاضطهاد الطبقي والجنسي والنوعي والاثني والثقافي، ومن النظرة الدونية التي كرستها البنية الثقافية التي ترجع جذورها الي مجتمعات الرق والاقطاع وحتي المجتمع الرأسمالي الحالي الذي يكرّس اضطهادها الطبقي والجنسي ويجعل منها سلعة وأداة لتحقيق الارباح العالية من تجارة الجنس.
نحن في الحزب الشيوعي نصارع من أجل قانون للاحوال الشخصية يصون حقوق المراة في القوامة والحضانة والارث والطلاق والنفقة والاجر المتساوي للعمل المتساوي، وقانون ديمقراطي للاسرة يضمن حقوقا متساوية للمرأة والرجل واستقرار الاسرة وحقوق الاطفال وفقا للمواثيق والعهود الدولية، اضافة للمطالبة بالغاء القوانين التي تحط من كرامة المرأة و تبيح الاعتداء علي جسدها وكرامتها.، واعتبار الاغتصاب جريمة يعاقب عليها القانون ، وتجاوز مناهج التعليم التي تكرّس دونية المرأة واضطهادها، وتمثيل المرأة في المواقع القيادية(جهاز الدولة والاحزاب السياسية والنقابات..الخ) حسب كفاءاتها وثقلها. اضافة الي التوقيع علي الاتفاقات الدولية الخاصة بالمرأة والالتزام بتنفيذها.
فالمرأة السودانية تواجه تحديات كثيرة تناولتها في مؤلفي (تطور المرأة السودانية وخصوصيتها، دار عزة 2007م) ، ولازال ينتظرها الكثير من المعارك لتحقيق تلك المطالب التي اشرنا لها أعلاه علي سبيل المثال لا الحصر، وحتي يتناسب دورها مع الواقع السياسي الحالي الذي تسيطر فيه القوي الظلامية السلفية علي مقاليد السلطة في البلاد والتي تحاول عبثا اعادة المرأة الي العصور الوسطي، ولكن نضال المرأة السودانية طيلة العشرين عاما الماضية استطاع أن يهزم هذا التوجه، وما زال كما اشرنا سابقا ينتظر المرأة السودانية الكثير
 


2- هل تري في المبادرة التي طرحها الحزب الشيوعي السوداني بصدد الاستفتاء حول الجنوب صيغة عملية يمكن الأخذ بها كخيار لوحدة السودان؟.

متذ تأسيسه ظل الحزب الشيوعي السوداني يطرح الحل السلمي الديمقراطي لمشكلة الجنوب علي أساس الحكم الذاتي الاقليمي في اطار السودان الموحد والتنمية المتوازنة والاعتراف بالتعدد الثقافي وحق شعوب وقبائل الجنوب في التعليم بلغاتها، وقيام دولة المواطنة التي يتساوي فيها الجميع، أي كان الحزب الشيوعي رائدا في طرح ضرورة وحدة السودان علي أسس جديدة.
انطلاقا من هذه الخلفية طرح الحزب الشيوعي مبادرته من أجل وحدة الوطن علي أساس الدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع وعلي أساس المساواة التامة غض النظر عن الدين أو اللغة أو العرق أو اللون أو الثقافة، وعلي أساس حل قضايا البلاد من خلال مؤتمر قومي جامع والتي تتلخص في: التحول الديمقراطي، الاستفتاء والوحدة، والحل العادل والشامل لقضية دارفور والاوضاع المعيشية.
ونعتقد أن ذلك هو الطريق لوحدة السودان والتي يجب أن تقوم علي أسس طوعية وعلي أساس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وفصل الدين عن السياسة، والدولة الديمقراطية الفيدرالية التي يقسم فيها السودان الي 7 أقاليم تقوم علي الديمقراطية والحكم الذاتي والتوزيع العادل للثروة والسلطة.
أما اصرار نظام المؤتمر الوطني علي الدولة الدينية، فان ذلك يعني اختيار تفتيت السودان.
وبالتالي، فان مبادرة الحزب الشيوعي هي الصيغة العملية لوحدة السودان من خلال تعدده وتنوعه والذي يجب أن يشكل مصدر قوة لاأداة لتفكيك وتفتيت البلاد.

 

3- هل يمكن للقوي اليسارية والديمقراطية في السودان ان تقدم البديل الذي عجزت عن توفيره حكومة الاسلام السياسي وخاصة فيما يتعلق بدولة المواطنة والديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية؟.

المطالب التي تطرحها قوي المعارضة، (تحالف قوي الاجماع الوطني، والجبهة العريضة) في السودان بما فيها القوي اليسارية والديمقراطية، تقدم البديل الذي يتلخص في: التحول الديمقراطي والوحدة علي أساس دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو العرق أو اللون أو الثقافة، وتحسين الاوضاع الاقتصادية والمعيشية وتحقيق العدالة الاجتماعية، والحل الشامل والعادل لقضية دارفور.
 


4-  كيف يمكننا تقييم مواقف اليسار والقوي التقدمية في السودان بشكل خاص وفي العالم العربي بشكل عام من أحداث دارفور والجرائم التي ارتكبت والمواقف الدولية ضدها؟.

في البداية لايسعنا الا ان نعرب عن تقديرنا وتقييمنا الايجابي لكل القوي السياسية بما فيها القوي اليسارية والتقدمية في السودان وفي العالم العربي التي استنكرت المأساة الانسانية في دارفور والجرائم التي ارتكبت في حق ابناء ذلك الأقليم والذين لهم مطالب عادلة تتلخص في: الاقليم الواحد، ومحاسبة الذين ارتكبوا جرائم الحرب،ووقف اطلاق النار ونزع سلاح الجنجويد، وتحقيق التنمية في الاقليم، وعودة اللاجئين الي قراهم والتعويضات العادلة،..الخ، وان تحقيق تلك المطالب هي المفتاح لحل المشكلة والتي يجب أن تشترك في حلها كل القوي السياسية وحركات دارفور ومنظمات المجتمع المدني من خلال مؤتمر جامع يصل لحل شامل وعادل لقضية دارفور.
مرة أخري نشكر كل من تضامن مع أهل دارفور ، ولازلنا ننتظر المزيد من حملات التضامن، والحركات الجماهيرية التي تسلط الضوء علي تلك المأساة الانسانية، وخاصة أن حكومة المؤتمر الوطني تواصل الحل العسكري الذي اثبت فشله من خلال سياستها الجديدة التي اعلنتها حول دارفور، وأن الحل السلمي ضروري حتي لاتتعقد المشكلة وتؤدي الي انفصال دارفور.

 

5- كيف تقيّمون وضع اليسار في العالم العربي؟ وماهي الامكانيات المتاحة لنهوض جديد؟.

حاليا، لا املك المعلومات الكافية التي تساعدني في تقييم وضع اليسار العربي، ولكن عموما هناك امكانيات واسعة لنهوض جديد ، وبناء اوسع جبهة من أجل تعزيز الاستقلال الوطني وترسيخ الديمقراطية، والتنمية المستقلة، والعدالة والاجتماعية، ومواجهة الفكر السلفي الظلامي الذي يهدف الي تحطيم كل ما أنجزته الحضارة الانسانية من عقلانية واستنارة وحرية الفكر والبحث العلمي، وتحقيق اوسع تضامن مع الشعب الفلسطيني والعراقي واللبناني والسوري، والاردني، بلجم العدوانية الصهيونية، والتخلص من كل أشكال الاحتلال والهيمنة والنفوذ الاستعماري(الأمريكي – الأطلسي)، والحفاظ علي وحدة واستقلال العراق والسودان وبقية البلدان العربية.